النجاح والتفوق مطمح كل واحد منا خاصة الأم والأب، الذين يتمنيان أن يكون ابنهما حائزا على أفضل النتائج،
تبقى الأسئلة التالية مطروحة:
ـ أي تفوق تسعى الأسرة لتحقيقه ؟
ـ ما هي معايير هذا التفوق ؟
ـ من المسؤول الأول عن تحقيق التفوق ؟
ـ هل يستطيع الإبن لوحده تحقيق التفوق الذي تصبو إليه الأسرة ؟
ـ على من يقع اللوم عند الفشل ؟
حينما ينجح الطفل يزداد طموحه وتقوى ثقته بنفسه، ويحس بأنه ذو قيمة بين أصدقائه وعائلته، وأنه أصبح محل الإحترام والتقدير من قبل الجميع خصوصا الوالدين، لذا يتوجب على الأسرة أن تبحث عن الحوافز والوسائل التي تساعد على تحقيق النجاح، لأن هذا الأخير لا يمكن أن يتحقق إن لم تكن هناك جهود متضافرة بين الأسرة والمدرسة.
إن للتفوق مفاتيح هامة منها:
ـ الثقة بالنفس: إذ يعتبر دور الوالدين كبير في زرع هذه الثقة في نفس الطفل، وذلك بإعطاء آرائه وإنجازاته؛ سواء المتعلقة بالدراسة أو غيرها؛ قيمة قصد الدفع به للمزيد من العطاء، دون الاستهزاء به ونعته بالصفات السلبية مثلالغباء، الكسل، عدم الفهم، أو تحط من مرتبته مثل: فلان أحسن منك، إلى غيرها من الألقاب التي من شأنها أن تكسر وتحطم نفسية الطفل فتدفعه إلى التقاعس والاستسلام وعدم التفكير في النجاح، لأنه أصبح في نظره بعيد المنال بعدما حادت الأسرة عن التوجيه الصحيح، فلابد للأسرة إذن أن تحترم شخصية ابنها وتغرس في نفسه الثقة بالنفس وجميع الأخلاق الفاضلة التي تسمو به نحو الخير والفلاح دنيا وآخرة.
ـ التشجيع والثناء: يوجد داخل كل طفل طاقة هائلة، لكنها تحتاج إلى الشرارة التي تفجرها، والطفل في مسيرة حياته الدراسية لن يقوى على المثابرة والإجتهاد بدون هذه الطاقة، وللأسرة في هذا الجانب الدور الأساسي في تدعيم الطفل من خلال إحياء طاقته، وبث روح العمل الجاد والرغبة في التحصيل العلمي في نفسه، إن الطفل بطبيعته يحتاج إلى محفزات مادية ومعنوية، وقد يستجيب للتوجيهات بصورة أفضل عند وجود هذه المحفزات المشجعة، فبدل إجبار الإبن على الحفظ أو الإنجاز للحصول على أفضل النتائج، ترضي الوالدين فقط، يستحسن تحبيب ذلك كله له بطرق سهلة وسليمة والتي يعد التشجيع من أبرزها.
ـ المتابعة: إن نجاح العملية التعليمية لا يتم إلا بتضافر جهود الأسرة والمدرسة، ولا يمكن للأسرة أن تلقي اللوم على المدرسة والمدرسين عند فشل أبنائها دراسيا، فالمسؤولية مشتركة وللوالدين فيها نصيب، لذا فعلى الأسرة أن تتابع مستوى الإبن وتتفقد أحواله، وأن تبذل قصارى جهدها في مساعدته لتحقيق النجاح الذي تنشده لابنها.
من بين الأمور المساعدة في هذا الباب:
فتح حوار يومي مع الطفل حول أحواله الدراسية، وما صادفه من عراقيل سواء في معاملته مع معلميه أو أصدقائه، أو كيفية تعامله مع ما يتعلمه، فهذا مما يشعر الطفل بقيمة الدراسة، واهتمام والديه به، التعرف على مدرسي التلميذ، وتفقد أحواله ومستواه، الإطلاع كلما سمحت الظروف على نتائج الطفل الدراسية ومواظبته وحقيقة سلوكه بالاتصال بإدارة المؤسسة، مدارسة النتائج الدورية مع التلميذ وتحليلها في جو رحيم بعيد عن التأنيب والسخرية للوقوف على نقط الضعف ومكامن القوة ومساعدته على اقتحام العقبات التي تعترض سيره الدراسي، الاستجابة لكل دعوة تقدمها المؤسسة في شأن التلميذ، الحضور في الأنشطة التي تنظمها المدرسة لفائدة التلميذ، تحديد هدف النجاح من قبل التلميذ في حد ذاته نجاح، احترام الأولويات عند إنجاز الأنشطة، اختيار الوقت المناسب لمراجعة الدروس، البدء بالمواد السهلة، تهيئة المكان المناسب داخل البيت للمراجعة، أخذ الوقت الكافي للنوم واحترام مواعيده.
إن هذه المفاتيح من شأنها أن تفجر لنا الطاقات الكامنة في الطفل، وأن تكشف عن جوانب التميز والقصور عنده، وتجعله يرتقي دائما حتى يكون عند حسن الظن، وقبل هذا ومعه وبعده، يبقى الدعاء والتوكل على الله سبحانه وتعالى أساس كل عمل نطمح لبلوغه، وكلما تفهمت الأسرة دورها وقامت به على الوجه المطلوب، عاد ذلك بالنفع على أبنائها وعلى الأمة كلها، لأن الطفل إذا تربى تربية سليمة حسنة، فإنه لاشك سيكون مصباحا ينير المجتمع عطاء وقوة وبناء، وينير صحائف والديه يوم القيامة إن كان عملا صالحا قدماه لنفسيهما عند لقاء الله.