أين السبيل؟!
ضاق السَّبيلْ
والنَّهْرُ أحْنَى ظَهْرَهُ حَمْلُ السّيولْ
وثَنَاه قُطَّاعُ الطَّريقِ عن الوصُولْ
يَرْتَدُّ نَحو (النَّبعِ) مَهزُومَاً بألوانِ الوَعيدْ
وهناكَ...
تدْعُوهُ الحَياةُ لأنْ يعُود .. وأن يَجُود
النَّهرُ يَلْعَنُ خَوفَهُ..
النَّهْرُ يَلْعَقُ جُرْحَهُ
النَّهْرُ يَغْزِلُ حَتْفَهُ ثوباً تُطرِّزُهُ الدِّماءْ
ويَسُوقُهُ عَهْدٌ بأنْ يَرنُو لنَا عَامَاً فعَامَا
ويَرُدُّهُ وَهْنُ الأكفِّ الضَّارعَاتِ إلى السَّماءْ
وذواتُ خِدْرٍ يَزدَرِدْنَ (الجُوعَ) فِي قِدْرِ المَسَاءْ
وصُرَاخُ أطْفَالٍ يَتَامَى
فَيعُودُ للحتفِ النّبيل ...
ضلَّ السَّبِيلَ...
وضلَّ قُطَّاعُ السَّبيلْ
تخبو الحياةُ ... وَلا عَزاء ولا نَحيبْ
ما ثمّ للوادي وَجِيبْ
مَا عَادَ بِالوَادِي الخَصِيبْ
كُلُّ العيونِ تَسَمَّرَتْ
كُلُّ الوجُوهِ تَحَجَّرَتْ
حتّى المَآذن لا تُجَابُ.. ولا تُجيبْ
حتى دموع العَجْزِ فِي عينِ النِّسَاءْ
حتَّى الخَيالْ!!
ومخالبُ العَطَشِ الرَّهِيبَةُ لا يُقَاوِمُهَا الرِّجَالْ
الحسنُ يقْتُلُهُ الذُّبولْ
واليَأسُ يلتَهِمُ الحُقولْ
والخَيلُ يبْتَلِعُ الصَّهيلْ
حتَّى نُخَيلات الشّمُوخِ حَنَتْ قُحُوفَ شُمُوخِهَا
والشَّمْسُ تأبَى أنْ تَعودَ إلى المَدَارْ
والرّمْلُ يَخْتَصِمُ الصَّحَارَى .. وَيَشدُّ أحْزِمَةَ الفِرارْ
لكنّ قافلة الرِّيَاحِ بلا دليل ...
سَكَنَتْ نِدَاءَاتُ الرَّحِيلْ
لازَالَ قُطَّاعِ الطَّرِيق
يُهدِّدونْ
يتوعدونْ ...
ويجهلونَ بأنَّهُ :
( مَا عَادَ للوادي طَرِيق!!)